التأليف معطوب وتفويض “اليونيفيل” دعم الجيش

لا تقتصر لعنة انهيار الدولة في لبنان على التسبب بأسوأ كارثة يتعرض لها في تاريخه، بل ‏يكاد لا يمر يوم الا وتحصل مصيبة جديدة او تتناسل مشكلات في كل انحاء لبنان. والبارحة ‏كان دور منطقة برج البراجنة التي دوى فيها انفجار قوي بعد الظهر سرعان ما تبين انه ناجم ‏عن انفجار داخل معمل الشامي لتصنيع “القازانات” في محلة عين السكة، وأودى الانفجار بـ ‏‏4 ضحايا من العاملين فيه وعزي الى عملية تلحيم لخزان مضغوط . وليلا دوى إنفجار اخر ‏في بلدة حدث الجبة في بشري تبين انه حصل في محطة الشدرواي للمحروقات وتسبب ‏بوقوع جريحين هما صاحب المحطة وشقيقه ولم يتضح السبب‎.‎

‎ ‎

في كل حال، لم ولن يبدل قدر الحوادث والكوارث اللاحق باللبنانيين حرفاً على ما يبدو في ‏ما يسمى مسار تأليف الحكومة، وهو مسار معطوب اذ لو كان للكوارث من أثر في إطاحة ‏نمط التعطيل الذي يسقط المحاولات والجهود المتوالية تباعاً ل#تشكيل الحكومة، لما كانت ‏عملية الآخذ والرد والتفاوض التي يقال انها جارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ‏والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على رغم انقطاع اللقاءات بينهما منذ اللقاء الثالث عشر، ‏تجري وسط هذا الغموض غير المفهوم الا في اطار عملية التعمية والتأخير والتعطيل فيما ‏بدأ الهمس يتصاعد عن عودة خيار الاعتذار الى اجندة الرئيس ميقاتي، فيما لو فشلت ‏مساعي ربع الساعة الاخير التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم‎ .‎

‎ ‎

وبدا لافتا ان اهتزاز ملف الامن في الأيام الأخيرة من بوابة حوادث #مغدوشة – #عنقون، ‏لم يترك أي اثر على صعيد استعجال جهود تشكيل الحكومة، ولم يحدد حتى مساء امس أي ‏موعد بعد للقاء الرابع عشر الذي يفترض ان يجمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ‏لاستكمال البحث. وقد نفى ميقاتي امس “ما تم تداوله من أنباء حول عزمه السفر الى ‏إحدى الدول العربية لاستشراف آفاق المرحلة المقبلة، على أن يتخذ بعد عودته قراره ‏النهائي”. وأكد مكتبه الاعلامي “ان هذا الكلام عار من الصحة جملة وتفصيلا وهو باق في ‏لبنان ويواصل مساعيه لتشكيل الحكومة‎”.‎

‎ 

التمديد لليونيفيل

بيد ان التطور الخارجي البارز الذي واكب التأزم الداخلي تمثل في تبني مجلس الأمن ‏الدولي امس القرار 2591 الذي مدد ولاية #اليونيفيل لسنة أخرى من دون تعديل. واعلنت ‏مبعوثة لبنان إلى الأمم المتحدة أمل مدللي في تغريدة عبر حسابها على “تويتر”، انه “تم ‏التجديد بالإجماع لمهمة قوات اليونيفيل في لبنان، بعد مفاوضات صعبة”. وشكرت جميع ‏اعضاء مجلس الامن وخصوصا فرنسا‎.‎

‎ ‎

ويعيد القرار الجديد تأكيد ولاية “اليونيفيل” كما هو منصوص عليها في القرار 1701 (2006) ‏وأكدته قرارات لاحقة. ولكن القرار 2591 يتضمن للمرة الأولى، طلب مجلس الأمن من ‏‏”اليونيفيل” اتخاذ “تدابير موقتة وخاصة لدعم القوات المسلحة اللبنانية بمواد غير فتاكة ‏‏(مثل الغذاء والوقود والأدوية) والدعم اللوجستي مدة ستة اشهر. وسيتم ذلك في حدود ‏الموارد المتاحة، وبما يتوافق مع سياسة العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان التابعة ‏للأمم المتحدة”. كما حث المجلس بقوة على “مزيد من الدعم الدولي وزيادته للقوات ‏المسلحة اللبنانية، مع تأكيد ضرورة انتشار القوات المسلحة اللبنانية بشكل فعال ودائم في ‏جنوب لبنان”. كذلك حث “الأطراف على الاستفادة البناءة والموسعة من الآليات الثلاثية ‏لليونيفيل، بما في ذلك اللجنة الفرعية المعنية بتعليم الخط الأزرق. الاجتماعات الثلاثية هي ‏المنتدى الوحيد الذي يلتقي فيه ممثلون لبنانيون وإسرائيليون وهي ضرورية لحل النزاع ‏وبناء الثقة‎”.‎

‎ ‎

وإذ حض مجلس الأمن “الأطراف على التقيد الصارم بالتزاماتها باحترام سلامة اليونيفيل ‏وموظفي الأمم المتحدة الآخرين”، دعا الأطراف إلى “اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتعزيز ‏سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة ومعداتها. ودعا “الأطراف إلى تعزيز جهودهم من أجل ‏التنفيذ الكامل لجميع بنود القرار 1701 (2006) من دون تأخير”. ودان “جميع انتهاكات الخط ‏الأزرق جوا وبرا”، ودعا الأطراف بشدة إلى “احترام وقف الأعمال العدائية، ومنع انتهاكات ‏الخط الأزرق، والتعاون الكامل مع الأمم المتحدة واليونيفيل”. كما دان “أعمال المضايقة ‏والترهيب ضد أفراد اليونيفيل بأشد العبارات”،وحض جميع الأطراف على “ضمان حرية ‏اليونيفيل في الحركة والوصول إلى الخط الأزرق‎”.‎

‎ ‎

‎ ‎

ايران ونفطها‎ !‎

واذا كانت استحقاقات الازمات المتدحرجة داخليا تكفي وحدها لإبراز التداعيات المخيفة ‏للمضي في نمط تعطيل تأليف الحكومة، فان ازمة المحروقات لم تعد تتوقف على الجانب ‏الداخلي منها في ظل اقتحام ايران و”حزب الله ” معترك توظيف هذه الازمة لاستثماره في ‏ترسيخ النفوذ الإيراني من بوابة النفط وسط سياسة طمر رؤوس المسؤولين في رمال ‏التجاهل والتهرب من اتخاذ موقف جازم من هذه القضية. وقد عاد هذا البعد امس مع ‏تأكيد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنه “طالما استمر لبنان ‏بالطلب، ستستمر إيران بإرسال المحروقات إلى هذا البلد”. وقال خطيب زاده، في مؤتمره ‏الصحافي الأسبوعي إن “الدولة في إيران هي التي تقرر لأي جهة تصدر نفطها”، مشددا ‏على أن “الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى لا تستطيع أن تتدخل في هذا الأمر‎”.‎

‎ ‎

وكان الأمين العام لـ”حزب الله “حسن نصر الله أعلن في وقت سابق، أن سفينة محملة ‏بالوقود ستنطلق من إيران باتجاه لبنان، وأكد أن سفينتين أخريين ستتبعها‎.‎

‎ ‎

‎ ‎

تهدئة

وسط هذه الأجواء أسفرت مساعي التهدئة التي تولتها فاعليات بلدتي مغدوشة وعنقون ‏إثر التوتر الأخير عن عودة الحياة الى طبيعتها فيما لا يزال الجيش منتشراً على ‏الأرض. وذكرت معلومات أنه تم القبض على اثنين من المعتدين على أهالي ‏مغدوشة. والتأم مجلس الامن الفرعي في سرايا صيدا، برئاسة محافظ لبنان الجنوبي ‏منصور ضو وكان محور الاجتماع المركزي، مستجدات التطورات الامنية والمعيشية على ‏مستوى الجنوب عموما واحداث مغدوشة – عنقون خصوصا. وفي اطار مساعي التهدئة، ‏أجرى بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسي اتصالًا ‏برئيس مجلس النواب نبيه بري واطّلع منه على المعالجات الجارية في بلدة مغدوشة ‏‏”وسمع منه ما يؤكّد بأنّ مغدوشة هي بلدته الثانية وأن ما يحصل عليها إنّما يحصل على ‏كلّ لبنان” . ويتوقع ان يتطرق بري اليوم الى هذا الموضوع في الكلمة السنوية التي ‏سيلقيها مساء لمناسبة ذكرى إخفاء الامام موسى الصدر ورفيقيه، كما ستحدد كلمته ‏مواقف حركة “امل” من مختلف التطورات الداخلية ولا سيما منها تاليف الحكومة والأزمات ‏الخانقة في البلاد. وفي سياق متصل إجتمع مطارنة صيدا للموارنة والروم الكاثوليك والروم ‏الأرثوذكس وأثنوا في بيان على “الجهود المبذولة من الافرقاء كافة لتلافي تفاقم الأحداث ‏المؤلمة، لاسيما موقف الرئيس نبيه بري وموفده الرسمي المفتي حسن عبدالله، الذي ‏التقى النائب ميشال موسى وفاعليات مغدوشة وعنقون، وأعطى توجيهات واضحة لجهة ‏تطبيق القانون على كل من افتعل أعمالا عنفية، إذ لا شيء يعلو فوق القانون‎”.‎

‎ ‎

اما على صعيد الازمات المعيشية فان الاوضاع على حالها. ورغم تسلم المحطات كميات ‏من المحروقات ، بقيت الطوابير على حالها امامها، والتقنين الكهربائي ايضا على حاله في ‏ظل شح المازوت… في السياق، أكد ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا ان “الازمة ‏ستستمر طالما سياسة بيع الغالونات ناشطة في السوق السوداء من دون اي محاسبة”، ‏مشيرا الى ان “اربعين في المئة من المحطات لا تزال على موقفها بعدم تسلم المحروقات ‏خوفاً من التوترات الامنية التي تحصل”. ولفت إلى أن “بواخر الفيول تصل تباعاً وتفرغ ‏حمولتها”، متحدثا عن “معاناة كبيرة لأصحاب المحطات والموزعين الذين يقفون في وجه ‏المواطن”، مشددا على ان “الموضوع لدى الدولة وليس عندهم”. الى ذلك، افادت ‏معلومات ان كميات لا بأس بها من البنزين تمّ إفراغها وتكفي مدّة 15 يوماً كحدّ أدنى.

النهار

Leave A Reply